ترجمة أشرف بشاي
تلخيص لوجهتيّ النظر:
وجهة النظر |
نعم، كان المسيح قابلاً لأن يخطئ |
لا، لم يكن المسيح قابلًا للخطية |
الفهم اللاهوتي |
لم يخطئ المسيح قط لأنه كان ممكنًا ألا يخطئ. |
لم يخطئ المسيح قط لأنه لم يكن ممكنًا أن يخطئ. |
ضرورات الفهم اللاهوتي |
ضرورة حتميّة للحفاظ على إيماننا بإنسانية المسيح. |
ضرورة حتميّة للتمسُّك بإيماننا في ألوهية المسيح. |
الحجج التي تدعم النظرية |
§ إنسانية المسيح الكاملة وإمكانية ارتكابه للخطية تؤكدان على هويته الحقيقية كابن لآدم وممثلًا للجنس البشري. § إذا لم يكن المسيح قادرًا على ارتكاب الخطية لكانت تجارب إبليس له في البرية غير حقيقيّة. § عدم قدرة المسيح على ارتكاب الخطية تعني عدم قدرته على الاختيار الحر، وحرية الاختيار ضرورية للجنس البشري. |
§ المسيح هو الله، والله لا يخطئ البتة ولا يمكنه أن يُخطئ. § خطة الله للفداء غير قابلة للتغيير، والفادي لا يمكنه أن يُخطئ. § لأن الله غير قابل للتغيير فالمسيح كذلك أيضًا. |
يجب أن ننظر بعين الاعتبار إلى أن:
- يؤكّد الكتاب المقدس على أن تجارب المسيح في البرية كانت تجارب حقيقيّة: يحاج البعض بأن المسيح كان قابلًا لأن يُخطئ وإلا لكانت التجارب التي تعرَّض لها غير حقيقيّة. هنا يجب أن نسأل سؤاليْن: هل التجارب لا تكون حقيقيّة إلا متى تعرّض لها شخص قابل لأن يخطئ؟ وهل كانت تجارب المسيح حقيقية فقط لمجرد أن خبرته بهذه التجارب تتطابق مع التجارب البائسة التي يختبرها الخطاة؟!
- التجارب لا تكون حقيقيّة إلا متى تعرّض لها شخص قابل لأن يخطئ: جَرّب الشيطانُ المسيح لكي يطلب المسيح إشباع رغبته للحصول على الخبز، كما جرّبه بأن يطلب من الآب تبرئة جانبه علنًا أمام كل إسرائيل (بإنقاذه من السقوط المريع من فوق جناح الهيكل)، وجرّبه أيضًا بإغراء امتلاك كل ممالك العالم. لا شك أن المسيح كان جائعًا وراغبًا في الحصول على الطعام، وكان يتوق إلى البراءة العلنية وإلى إعلان ملكوته. كان يمكن للمسيح الحصول على كل هذه الأمور بشكل شرعي، فهذه الرغبات ليست خاطئة في حد ذاتها. وفي بستان جثيماني كانت لدى المسيح رغبةٌ في أن يجيز عنه الآب كأس الغضب الإلهي. هذه الرغبة كانت في مقدور الله الآب ولم تكن -بحد ذاتها- خطية.
- التجربة هي التماس الشر الذي تتطلبه الطبيعة البشرية، وللتجربة مصادرها (العالم، والجسد، والشيطان). والتجربة تتطلّب حدودًا أخلاقية ورغباتٍ تُشتهى.
- ومن جانبٍ ثان فالقابلية للخطأ تقترن بإرادة غير قادرة/غير مستعدة لأن تقاوم التجربة.
- التجارب إذن تكون حقيقية عندما (١) يكون للإنسان رغبة في شيء (٢) تتوافر الفرصة للحصول على هذه الرغبة على عكس إرادة الله. لذا، فالقابلية للتجربة ليس هي نفسها القابلية للخطية، ومن الخطأ أن نظن أن كليهما شيء واحد.
- هل كانت تجارب المسيح حقيقية فقط لمجرد أن خبرته بهذه التجارب تتطابق مع التجارب البائسة التي يختبرها الخطاة؟
يقيس البعض أصالة التجارب التي تعرّض لها المسيح من خلال مصطلحات مركزية الإنسان. إنهم يقارنون بين رواية البشيرين لتجربة المسيح وبين خبراتنا الشخصية باعتبارنا مخلوقات ساقطة، ويخلصون إلى نتيجة مفادها أن تجارب المسيح لن تكون حقيقية ما لم يكن المسيح قابلًا للخطية. ومع ذلك فالكتاب المقدس صريح فيما يخص أصالة تجارب المسيح ويؤكد أن طاعة المسيح في مواجهة هذه التجارب كانت طاعة كاملة وحقيقية.
ولأن المسيح لم يكن له طبيعتنا الساقطة فإن تجاربه لم تكن كالتجارب التي نتعرّض لها نحن البشر، ويؤكِّد الكتاب المُقدس أن تجارب المسيح كانت حقيقيّة لأنها كانت كافية لأن:
- يمارس المسيح طاعته الفاعلة لحسابنا نحن الخطاة (الطاعة التي مارسها العبد المتألم في إشعياء ٥٣؛ راجع أيضًا يوحنا ٦: ٥٨؛ رومية ٥: ١٩؛ فيلبي ٢: ٨؛ العبرانيين ٥: ٨). فمن خلال طاعة الواحد سيُبرَّر الكثيرون. بكلمات أخرى، كانت تجارب المسيح حقيقيّة لأنها أرضت قلب الآب. إن طاعة المسيح في مواجهة هذه التجارب كانت مُرضية للآب السماوي ومسرَّة لقلبه حتى أنه حَسِبَ هذه الطاعة وكأنها طاعة صادرة من الخطاة أنفسهم.
- التأكيد لأتباع المسيح ومؤمنيه أن المسيح قادر أن يتفهّم ويرثي: كانت تجارب المسيح حقيقية لأنها كافية لتابعيه وقد حُسبت لصالحهم. علِم المؤمنون أن المسيح قد تألم، لهذا فهو قادر على أن يتفهّم كل آلامنا وتجاربنا.
- القابلية لارتكاب الخطية ليست مظهرًا أساسيًا للإنسانية
- الحالة الأبدية للمؤمنين كدليل على ذلك: يعيش القديسون المفديون حياة الطهارة والقداسة الكاملة في السماء. إنهم هناك غير قابلون لارتكاب الخطية ولا يمكن لأيٍ منهم أن يُخطئ (رؤيا يوحنا ١٤: ١، ٥؛ ٢١: ١-٨، ٢٢-٢٧؛ ٢٢: ٣-٥، ١٤-١٥).
- المسيح هو مصدر الحياة المقدسة والكاملة التي يتمتع بها القديسون المفديون (أفسس ١: ٤-١٠؛ يهوذا ٢٤). فإذا صار القديسون غير قابلين للخطية بسبب عمل المسيح فإن ذلك يستلزم أن يكون المسيح أصلاً هو نفسه غير قابل للخطية: «أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ اللَّهِ، وَلَمْ يُظْهَرْ بَعْدُ مَاذَا سَنَكُونُ. وَلَكِنْ نَعْلَمُ أَنَّهُ إِذَا أُظْهِرَ نَكُونُ مِثْلَهُ، لأَنَّنَا سَنَرَاهُ كَمَا هُوَ. وَكُلُّ مَنْ عِنْدَهُ هَذَا الرَّجَاءُ بِهِ، يُطَهِّرُ نَفْسَهُ كَمَا هُوَ طَاهِر» (يوحنا الأولى ٣: ٢-٣).
- دليل الحالة الحاضرة للرب يسوع المسيح:
إذا كانت حالة عدم القابلية لارتكاب الخطية ضرورة للإنسانية عندها يكون لدينا استنتاجان: (١) يسوع الذي يجلس الآن عن يمين عظمة الأب لا يمكنه أن يخطئ وبالتالي فإن يسوع الآن ليس إنسانًا (٢) يسوع الجالس عن يمين الآب الآن هو إنسان كامل، مئة بالمئة، لذا فهو قادر على ارتكاب الخطية. لكن واحدًا من هذيْن الاستنتاجيْن ليس صحيحًا. يجلس الابن المبارك الآن في يمين العظمة في الأعالي، وهو لا يمكنه أن يُخطئ رغم كونه إنسانًا كاملاً. يجب أن يكون المسيح غير قادر على ارتكاب الخطية لكي يضمن لمفدييه كذلك أن يكونوا غير قابلين لارتكاب الخطية.
ينبغي للمسيح أن يكون الآن إنسانًا مئة بالمئة لكي يمارس حُكمه الأبدي كابن لداود. المسيح اليوم إنسانٌ كامل، وكونه إنسانًا كاملاً اليوم أمرٌ يتناسب مع العرش الداوودي الذي له ومع خدمته الحالية لنا كرئيس كهنة عظيم يشفع في قديسيه (رومية ٨: ٣٤؛ تيموثاوس الأولى ٢: ٥؛ العبرانيين ٢:١٧؛ ٣: ١؛ ٤: ١٤-١٥؛ ٥: ١-١٠؛ ٧: ٢٤- ٨: ٦). إن يسوع الآن لا يمكنه أن يُخطئ لأنه الله الأبدي، والمسيح ذاته هو الأساس لعدم إمكانية قديسيه ومفدييه لأن يخطئوا.
الخلاصة، إن إيماننا بعدم إمكانية المسيح لأن يُخطئ لا ينقض عقيدة إنسانية المسيح الكاملة.
- شخص المسيح غير قابل للتجزئة.[1] (McCune, 2:151-52)
إذا قلنا إن يسوع يمكنه أن يُخطئ فكأننا نقول بالتبعية أن شخص المسيح يمكن أن ينقسم على ذاته، لأن طبيعته الإلهية لا يمكنها أن تتعايش مع الخطية. إن التأكيد على أن مخلّصنا يمكنه أن يرتكب الخطية يستلزم أن تجسُّده قد انتهى.
الخلاصة: هناك أربعة أسباب كتابية يمكن أن تثبت عدم قابلية الرب يسوع لارتكاب الخطية (Wellum, 60ff.).
- باعتباره الشخص/الأقنوم الثاني في الثالوث الإلهي فمن المستحيل أن يكون المسيح قابلًا للسقوط في الخطية. يسوع هو الله والله لا يمكنه أن يُخطئ.
- الثالوث الإلهي غير قابل للتجزئة، والطبيعة الأبدية غير المتغيِّرة للثالوث لا يمكنها أن تتوافق مع الخطية في الأقنوم الإلهي المتأنس؛ المسيح.
- الغرض الأخير والنهائي لله الآب مؤكَّد وغير متغيِّر. إن القول بأن المسيح قابل لارتكاب الخطية لا يتوافق مع خطة الآب المؤكَّدة للفداء.
كانت أفعال المسيح وتصرفاته حرّة ككل تصرفات البشر، ومع أن الله قد سبق فقرّر كل الأشياء إلا أن كل إنسان يتصرّف بكامل الحرية وكل الأفعال البشرية هي نتاج طبيعة الإنسان ورغباته.
[1] Rolland McCune, A Systematic Theology of Biblical Christianity. Volume 2 (Detroit: Detroit Baptist Theological Seminary, 2009), 151-52.