أبنير تشو
Abner Chou
منذ خمسمائة عام، نادى المصلِحون بشعار «سولوس خريستوس»، أي المَسِيح وحده. كان هذا الشعار هو نبض عصر الإصلاح. لكن، وبعد مرور خمسمائة عام، ما زال شعار «المَسِيح وحده»يقف راسخًا. ينبغي ألا يفاجئنا هذا؛ فلا يمكن لعقيدة المَسِيح وحده أن تنحصر في خمسمائة سنة، فهي حق سرمديٌّ. ففي الماضي، نادى الأنبياء (تكوين 3: 15؛ مزمور 110: 1؛ ميخا 5: 2؛ زكريا 14: 4) والرسل (غلاطية 6: 14؛ عبرانيين 1: 1-4؛ 1بطرس 1: 13؛ 1يوحنا 5: 13) بالمسيح. وفي النهاية، ستجثو له كلُّ ركبة (فيلبي 2: 10-11). فإن «مِنْهُ وَبِهِ وَلَهُ كُلَّ ٱلْأَشْيَاء»(رومية 11: 36؛ كولوسي 1: 16). ومن ثَمَّ، فإنَّ حقَّ المَسِيح وحده حقٌّ ثابتٌ يشغل كلَّ الحياة.
لهذا السبب، يتعلَّق كلُّ شغفنا بالمسيح. ففي النهاية، نحن مسيحيُّون، ويُوصينا الكتاب المقدس ألا نتعامل مع هذا اللقب باستخفاف. ففي أعمال الرسل 11: 26، دعا أهل أنطاكية مؤمني المدينة «مَسِيحِيِّين»بسبب كرازتهم وتعليمهم. لم ينشأ لقب «مسيحي»لأن المؤمنين دعوا أنفسهم هكذا، بل لأنهم اكتسبوا صيتًا بأنهم أولئك الذين تبعوا المسيح. يذكِّرنا هذا بأننا ينبغي أن نجتهد كي ننال الحق في أن نُدعَى «مسيحيين». فنظير الذين سبقونا، ينبغي أن نكرز بالمَسِيح في وضوح وجسارة.
يتطلَّب منا هذا التكليف أن نكرز بالمَسِيح على أتمِّ وجه. فلا يسعنا أن نُمجِّده ونعلي من شأنه فقط من العهد الجديد، بل علينا أن نفعل ذلك أيضًا من العهد القديم. ففي النهاية، قال الرب نفسه إن موسى والأنبياء تكلَّموا عنه (لوقا 24: 47). بل والأكثر من ذلك أن الرسل أنفسهم استخدموا العهد القديم بصورة متكرِّرة كي يُوضِّحوا أمورًا عن المَسِيح (أعمال الرسل 2: 33-35؛ عبرانيين 1: 1-14؛ راجع مزمور 2: 8؛ 110: 1). ومن ثَمَّ، فإن العهد القديم أساسي في فهمنا للمسيح، وكذلك أيضًا هو حيويٌّ في مهمة تعظيمه.
علاوة على ذلك، يتطلَّب منا هذا التكليف أن نكرز بالمَسِيح بأمانة. يدعونا الكتاب المقدس إلى أن نفصِّل كلمة الله باستقامة (2 تيموثاوس 2: 15)، وألا نحرِّف المكتوب (2بطرس 3: 16). يظن البعض أحيانًا أننا ينبغي أن نجد المَسِيح في كل آية من العهد القديم.[1] ولكن، حين نسيء تفسير كلمة المسيح، لسنا بهذا نطيعه. يلزم أن نُكرِم المَسِيح ليس فقط عن طريق الكرازة به، بل أيضًا عن طريق كيفية تعامُلنا مع الكتاب المقدس.
قدَّم لنا يَسُوع نموذجًا مثاليًّا لمهمة الكرازة بالمَسِيح على أتم وجه، وبأمانة. فطوال حياة ربِّنا، كان يشرح ويفسِّر العهد القديم. ويمكننا أن نلاحظ أن يَسُوع مُفسِّر محنَّك للكتاب المقدس. فحتى حين كان في الثانية عشر من عمره، أذهل مَن حوله بفهمه العميق للعهد القديم (لوقا 2: 24-51). وقد أقرَّ معاصروه بأنه كان يتكلَّم حسنًا من الكُتُب (لوقا 20: 39). كان يَسُوع مفسِّرًا للكتاب المقدس بامتياز وبلا منازع. بل في حقيقة الأمر، كانت منهجيّة التفسير التي اتبعها الرب هي المنهجيّة نفسها الموجودة في الكتاب المقدس. فقد قرأ يَسُوع ، النبي الأخير، العهد القديم بما يتوافق مع الأنبياء (1صموئيل 15: 22؛ هوشع 6: 6؛ متى 9: 13؛ عبرانيين 1: 1-4)؛ وكان أسلوب قراءته وتفسيره للعهد القديم هو الأسلوب نفسه الذي فسَّر به الرسل الكتب (متى 21: 42؛ رومية 9: 33؛ أفسس 2: 20؛ 1بطرس 2: 4). ومن ثَمَّ، كانت منهجية المَسِيح في التفسير هي نفسها منهجية تفسير كلٍّ من العهد القديم والعهد الجديد. فقد كان يعلم تمامًا كيف يعمل الكتاب المقدس. ومن ثَمَّ، حين يتعلق الأمر بدراسة كتابنا المقدس، لا يوجد مَن يمكن أن نتعلّم منه ذلك أفضل من المسيح.
وهذا هو بالتحديد ما نود أن نفعله في هذا الفصل. فإن هدفي هو أن نجلس عند قدميّ ربِّنا، ونتعلّم منه كيف نقرأ العهد القديم. وهو سيكشف لنا أعماق العهد القديم، وسيبيِّن لنا أن تمجيده لا يمكن أن يتحقّق البتة على حساب إساءة تفسير كلمته. ففي النهاية، هدفنا هو أن نكرم المَسِيح من البداية وحتى النهاية، متبنِّين منهجيّة تفسير نابعة منه هو، حتى نكرز به على نحو يُكرِمه. حينئذ، سيكون شغفنا بالحقيقة هو بالمَسِيح وحده، وسنسلك بمقتضى لقب «مسيحيِّين».
[1]See Bryan Chapell, Christ-Centered Preaching: Redeeming the Expository Sermon (Grand Rapids: Baker Books,
1994), 279; Sidney Greidanus, Preaching Christ from the Old Testament: A Contemporary Hermeneutical Model
(Grand Rapids: William B. Eerdmans, 1999), 203–5; David Murray, “David Murray on Christ-CenteredHermeneutics,” in Christ-Centered Preaching and Teaching, ed. Ed Stetzer (Nashville: Lifeway, 2013), 9; Graeme
Goldsworthy, Preaching the Whole Bible as Christian Scripture: The Application of Biblical Theology to ExpositoryPreaching (Grand Rapids: Eerdmans Publishing, 2000), 15–21.
للاطلاع على نقد لهذا الرأي، انظر:
Abner Chou, “AHermeneutical Evaluation of the Christocentric Hermeneutic,” Master’s Seminary Journal 27 (2016): 113–39.