بقلم تول تويس
ما دلالة جمع هذيْن اللقبيْن معًا في مشهد محاكمة المسيح؟ هل كان الغرض هو الإشارة إلى وجود علاقة مُعيّنة بين ابن الإنسان وابن الله؟ ردًا على هذا، نلاحظ أن هذه لم تكن المرة الأولى التي اجتمع فيها هذان اللقبان معًا. ففي حقيقة الأمر، حين نقرأ البشائر بتمعُّن، نكتشف وجود تداخل بين لقبيّ ابن الله وابن الإنسان طوال الوقت. في كثير من الأحيان، نجد في البشائر إقرارات بأن يَسُوع هو ابن الله، وابن العلي، وابن المبارَك، الشيء الذي لم يُجِب عنه يَسُوع بتعليم عن ابن الله، بل عن ابن الإنسان.
على سبيل المثال، حين سأل يَسُوع تلاميذه: «مَنْ تَقُولُونَ إِنِّي أَنَا؟»أجابه بُطرُس: «أَنْتَ هُوَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللهِ ٱلْحَيِّ!». لكن لم يكن رد يَسُوع هو: «دعوني أخبركم إذًا عن ابن الله هذا»، لكنه في المقابل قال: «إن ابن الإنسان ينبغي أن يتألَّم»(متّى 16: 15-23). لقد جمع كُتَّاب الأناجيل هذيْن اللقبيْن معًا بالفِعل في عدّة مواضع من القصّة.[1]
ربّما كانت دلالة جمع هذيْن اللقبيْن معًا –في المحاكمة وفي مواضع أخرى أيضًا– هي أن تتميم الواحد منوط بتتميم الآخر. وعلى وجه التحديد، نستطيع أن نقول إن تمثيل الله أمام الأمم عن طريق ابن الله هو الوسيلة التي بها يمكن أن تُحقّق المصالحة الكونيّة التي يُجريها ابن الإنسان. بمعنى آخر، إذ نجح يَسُوع كابن الله، فهو يستطيع أن ينجح أيضًا كابن الإنسان. يشبه الأمر تساقُط قطع الدومينو، فإن القطعة الواحدة تُسقِط الأخرى.
وعليه، لا يجب أن يكتفي خُدّام الإنجيل بترديد رسالة لم يدرِكوا عُمقها بعد، بل يجب على كل خادم أن يودع نفسه لكلِّ كلمة في النص، واعلم جيدًا أيها القارئ الحبيب أنه في ألقاب المَسِيح، وفي أركان القصّة، وفي كافة التفاصيل، يوجد مجد وغنى نستطيع أن نصرف الأبدية بأكملها في التلذُّذ به، والتأمُّل فيه، وتشجيع الآخرين به. أيضًا، اجتهد جيّدًا لكي تربط خُيوط قصّة الكتاب المُقدّس معًا. يتوجّب علينا أن نفهم الترابط الكامن في صميم كل نص منفرد، وأن نبذل الجهد اللازم للعثور على الروابط، والفهم الصحيح للمعنى الكامن فيها. كذلك علينا أن نجتهد لكي نُوضِّح للناس دراما تاريخ الفداء كما قُدِّمت لنا من سفر التكوين وحتى سفر الرؤيا، عالمين أننا نُمجِّد الله حين نُظهِر الصُورة الكبرى للآخرين.