بقلم د. مايك وندسور
ترجمة أشرف بشاي
«وَقَالَ اللَّهُ، نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا، فَيَتَسَلَّطُونَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ، وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدِبُّ عَلَى الأَرْضِ. فَخَلَقَ اللَّهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللَّهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللَّهُ وَقَالَ لَهُمْ، أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأَرْضَ، وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأَرْض» (التكوين ١: ٢٦-٢٨).
يرد تعبير «صُورَةِ اللَّه» لأول مرة في الكتاب المُقدّس في سفر التكوين ١: ٢٦، لكن الكتاب المقدس لا يشرح لنا معنى هذا التعبير، لذا قام اللاهوتيون المسيحيون بالاجتهاد في محاولة شرحه. وقد توصّلوا إلى عدد من النظريات التي تشرح هذا التعبير، ومن أهم هذه النظريات ما يلي:
- التشابه الجسماني
هل لله صورة بشرية؟ من هو الشخص الثالث الذي لم يذهب مع الملاكيْن لإنقاذ لوط من سدوم (التكوين ١٤)؟ كيف تجسّد الله ليترائى ليعقوب ويصارعه حتى طلوع الفجر (التكوين ٣٢: ٢٤)؟ ماذا عن المسيح الذي «فَلْيَكُنْ فِيكُمْ هَذَا الْفِكْرُ الَّذِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ أَيْضاً، الَّذِي إِذْ كَانَ فِي صُورَةِ اللَّهِ، لَمْ يَحْسِبْ خُلْسَةً أَنْ يَكُونَ مُعَادِلاً لِلَّهِ. لَكِنَّهُ أَخْلَى نَفْسَهُ، آخِذاً صُورَةَ عَبْدٍ، صَائِراً فِي شِبْهِ النَّاسِ. وَإِذْ وُجِدَ فِي الْهَيْئَةِ كَإِنْسَان» (فيلبي ٢: ٥-٨)؟
- النظرية العلاقاتية أو الاجتماعية
- «فَخَلَقَ اللَّهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللَّهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُم» (التكوين ١: ٢٧).
- تطبيق: إن تعبير صورة الله معناه القدرة على إقامة العلاقات الاجتماعية، تمامًا كما يتواصل الله مع خليقته: فأن نتواصل اجتماعيًا معناه أن نكون مثل الله في محبته، وفي عمله الفدائي، وفي الاستمتاع بالشركة. لذا، فإن الزيجات التي تتم في الرب، والكنائس التي يتمتّع أعضاؤها بالعلاقات الصحيّة، والمجتمعات الصالحة التي يسودها السلام والوئام، كل هذه جميعًا هي انعكاسات أمينة للتعبير «صورة الله».
- بالنسبة للبعض، هذا التعريف يسير جنبًا إلى جنب مع الفكرة الأساسيّة للإنجيل الاجتماعي.
٣. نظرية السيادة
أ. خلق الله الجنس البشري ليكون جزءًا من الخليقة وتاجًا لها ومتسلطًا عليها.
ب. طبقًا لهذه النظرية فإن الوكالة الصالحة على الأرض، والسيطرة على هذا العالم، وصيانة البيئة، كل هذه بمثابة تعبيرات واضحة عن ممارسة الإنسان للمعاني الخفية للتعبير «صورة الله».
٤. النظرة الموضوعية
أ. هناك عناصر في كينونة الإنسان تجعله يشابه الله.
ب. تبنّى غالبية المصلحين البروتستانت هذه النظرية.
٥. النظرية التمثيليّة أو الوظيفيّة
أ. إن وظائف الجنس البشري هي علامة كبيرة على حقيقة الله الخالق.
ب. يستخدم Strachan الفكرة الوجودية لكي يميِّز هذه النظرة
(Owen Strachan, Reenchanting Humanity: A Theology of Mankind [Ross-shire, Scotland: Christian Focus Publications, 2019], pp.25-38).).
- اعتاد ملوك الشرق على وضع صُورهم وإقامة تماثيلهم في المقاطعات التي يغزونها ويسيطرون عليها. إن وضع الصور والتماثيل دليل على سيادة الملوك على هذه الأراضي
(G. K. Beale, The Temple and the Church’s Mission: A Biblical Theology of the Dwelling Place of God [Downers Grove, IL: InterVarsity Press, 2004], p. 82).).
مقاطع أخرى جديرة بالملاحظة
- الإنسان، الذكر والأنثى، كلاهما خُلق على صورة الله (التكوين ١: ٢٦- ٢٨).
- سقوط الجنس البشري في العصيان لا ينفي أن الإنسان ما زال يحمل صورة الله.
- استمرار تبنّي معظم دول العالم لعقوبة الإعدام في جرائم القتل مع سبق الإصرار والترصُّد دليل على اقتناعهم بأن قتل الإنسان اعتداءٌ على صورة الله التي فيه (التكوين ٩: ٦).
- كل إنسان، مهما كان لونه أو ديانته أو جنسيته أو طبقته الاجتماعية أو رأيه السياسي، يستحق الاحترام لكونه يحمل صورة الله (يعقوب ٣: ٨-٩).
- المسيح هو الإنسان الكامل الذي أظهر لنا الصورة الإلهيّة الصحيحة والتامة (يُوحنا ١٤: ٨-٩؛ ٢كورنثوس ٤:٤؛ كولوسي ١: ١٥؛ العبرانيين ١: ٣).
- يمكن لصورة الله في الإنسان أن «تتجدّد» بالإيمان بالمسيح (رومية ٨: ٢٩؛ ١كورنثوس ١٥: ٤٩؛ ٢كورنثوس ٣: ١٨؛ أفسس ٤: ٢٢-٢٤؛ كولوسي ٣: ٩-١٠).