يعلن الكتاب المقدس خطة الله لفداء الإنسان، وهو عرض بانورامي للحق فيما يتعلق بالطبيعة ومشيئة الله والخطة الإلهية عبر الأجيال. موضوع محوري واحد يهيمن على قصة الكتاب المقدس ونغمة واحدة يتردد صداها في أنشودة الفداء، وخيط واحد يتخلل نسيجه المتشابك. الموضوع الرئيسي هو المسيح، والمسيح السبيل الوحيد لفهم العهديْن القديم والجديد. وعليه:
1. العهد القديم. الناموس يعلن عن طبيعة الله ومشيئته، ولكنه «... مُؤَدِّبَنَا إِلَى ٱلْمَسِيحِ..» (غلاطية 3: 24). الأسفار التاريخية هي مستودع حقائق حول شعب إسرائيل، وهي تمهّد الطريق لمجيء المُخلِّص. الأسفار الشعرية تلهمنا بموسيقى سماوية رفيعة، ولكنها تتغنى في المقام الأولى بمجيء الفادي. الأسفار النبوية نوافذ تطل بنا على هيبة جبال الله الخلابة وقداسته الفائقة وجلاله المهيب، وتكشف انحطاط حال الإنسان وإفلاسه واحتياجه، ولكنها أيضًا تتنبأ بآلام ومجد ذاك الذي سيرفع الإنسان من سقطته ويعيده إلى حضن الآب.
2. العهد الجديد. تركّز البشائر انتباهنا على المجيء الأول لابن الله المتجسّد. وسفر أعمال الرسل يُعلي مكانة المسيح بصفته ذاك الذي ينبغي أن يُعلَن اسمه إلى أقاصي الأرض. وتحفل الرسائل بنصائح روحية عميقة، ولكنها كُتبت لتشرح خلاص المسيح وطبيعته ومداه وتوابعه. أما سفر الرؤيا، فرغم أنه يحمل طابع الإنذار في تصويره للدينونة الآتية وما ينتج عن فضح لتوابع الخطية، فإنه يرسم أمامنا نصرة المسيح النهائية.
وهكذا، نرى أن كلمة الله المكتوبة وكلمة الله المتجسّد، الرب يسوع المسيح، يرتبطان ارتباطًا لا يمكن فصله.أَصل الكِتَاب المُقدّس
يرجع أصل الكتب المقدسة إلى فكر الله، وإن كان جدير بالاهتمام أن نتأمّل كيف رتّب الله للبشر أن يشاركوا في كتابتها وجمعها.
1. العهد القديم، حسب وجهة النظر التقليدية، أُعد كما يلي: كتب موسى خمس أسفار الشريعة ووضعها في خيمة الاجتماع بجوار تابوت العهد. وجاء يشوع ليضيف سفره إلى هذه الكتب (يشوع 24: 26)، وواصل صموئيل القصة (قارن بما جاء في 1صموئيل 10: 25). لقد تعرّضت هذه المكتبة بأكملها في وقت لاحق للضياع. وعندما أعيد اكتشافها وقراءتها علانية، أحدثت نهضة (2ملوك 22: 8). عندئذ، أضيفت كتابات أنبياء أسبق لمجموعة الكتابات. كان الأنبياء المتأخّرون على دراية بهذه الكتابات (مثلًا زكريا 7: 12). وعليه، أخذت المجموعة تتزايد تدريجيًا.
بدأ جمع أسفار الكتاب المقدس في قائمة كتب قانونية معتمدة بعد وقت قصير من السبي (586 قبل الميلاد). والمقصود بالقول «قانونية» هنا هو الكتب الذي اعتبرت قياسية (غلاطية 6: 16). عندما أكمل حجّي النبي والآخرون خدمتهم، ظهرت الحاجة إلى مجموعة رسمية للوثائق التي اعتاد الشعب بالفعل الاعتقاد بأنها إلهية في منشأها. يخبرنا أفضل تقليد بأن عزرا ونحميا وغيرهم من الكتبة الذين جاءوا بعدهم قد أتمّوا تقنين وضع أسفار العهد القديم.
2. ظهرت أسفار العهد الجديد إلى الوجود كما يلي: حينما ظهرت الكتب – عادة كانت موجّهة إلى كنائس بعينها – كانت تُنسخ وتُرسل إلى كنائس أخرى تتبادلها بدورها فيما بينها. جرى إعداد قوائم بهذه الكتب النبوية. بحلول القرن الرابع كان هناك نحو ١٥ قائمة تقريبًا قد نُشِرت. وتدريجيًا، ليس بدعم من مجمع كنسي معيّن وإنما بموافقة «ضمير الكنيسة العامة»، ظهرت هذه الكتب وحدها باعتبارها كلمة الله الموحى بها وتكونت قائمة أسفار العهد الجديد التي بين أيدينا اليوم. لدينا هنا مثال رائع لقدرة الروح القدس على الحفظ والحماية.