بقلم جي أي باكر
ترجمة أشرف بشاي
"وأنا لما أتيتُ إليكم أيها الإخوة أتيتُ ليس بسمو الكلام أو الحكمة مناديًا لكم بشهادة الله" (1 كورنثوس 2: 1).
لأن الكورنثيّين كانوا ورثة الثقافة والفلسفة اليونانيّة فقد كانوا يمجدّون الحوار. كانوا يحترمون البلاغة ويفرحون بالجدل. لكن الرسول بولس يقول إنه لم يأتِ إليهم "بسمو الكلام"، ولم يتكلّم إليهم بما كان الكورنثيون يعتبرونه حكمة. لماذا لم يفعل الرسول بولس ذلك؟
لا شك أن الرسول بولس فكّر في إجابةٍ لهذا السؤال. ولعله قال في نفسه إن توقّعات الكورنثيين كانت أكثر من اللازم، فإذا استطعتُ إقناعهم لأصبحتُ ممالئًا لهذا الغرور (الكلمة حرفيًا تعني: قوّادًا لغرور الكورنثيّين وكبريائهم!)
إن جذب انتباه الناس ليستمعوا إلى رسالة الإنجيل شيء طيّب وصالح وضروريّ. كان للرسول بولس نفسِه أسلوبُه الخاص في تقديم الرسالة، لكن تملق الثقافة والفكر اليونانييْن لجذب اليونانيين للحوار والتواصل لم يكن ضمن المدخل التبشيريّ للرسول. إن دورَه كرسول المسيح لم يكن إدخال كلمة الله إلى حيز الجدل، بل –ببساطة- إعلان هذه الكلمة بسلطان الله نفسه، إذ أن الله نفسه هو مصدر هذه الكلمة.
ومهما كان رد فِعل المستمعين للرسالة، وسواء تجاوبوا مع الكلمة أو تحوّلوا عنها فإن الرسول بولس جهّز نفسَه لإعلان الكلمة وشرحها وتأييد جميع ما قاله الله. هل فعل الرسول ذلك ليكون أكثر مهارة وحنكة؟ كلا، بل فعل ذلك لأجل هدف أسمى. قال جيمس دني مرّةً: "لا تستطيع أن تعطي انطباعًا عن نفسك كواعظ عظيم، أو كلاهوتي كبير، أو كمحاور ماهر، أو كمرنّم موهوب وفي نفس الوقت تُقدّم المسيح كالمخلص العظيم". فإذا كنتَ كخادم تحاول أن تجتذب الأنظار لنفسك ولمهارتك، فلا يمكنك أن تجذب الانتباه إلى يسوع ولا إلى كفايته للخلاص.
دعوة للتفكير: هل هذا يعني أن الله لا يمكنه استخدام فصاحتنا أو أيّة مواهبَ أخرى "طبيعيّة" في خدّامه؟ إن كانت الإجابة بالنفي، فما أهمية هذه المواهب؟
صلاة
يا رب، إنني أدرك أن مواهبي يمكن أن تجذب الانتباه لنفسي، لكن قوّتك التي تظهر في ضعفي، هي التي تجتذب النفوس إلى شخصك أنت.