الوصيتان الثامنة والعاشرة
«لاَ تَسْرِقْ .. لاَ تَشْتَهِ بَيْتَ قَرِيبِكَ. لاَ تَشْتَهِ امْرَأَةَ قَرِيبِكَ وَلاَ عَبْدَهُ وَلاَ أَمَتَهُ وَلاَ ثَوْرَهُ وَلاَ حِمَارَهُ وَلاَ شَيْئاً مِمَّا لِقَرِيبِك» (الخروج ٢٠: ١٥، ١٧)
چون ستوت
ترجمة أشرف بشاي
«لاَ تَسْرِق». إن تحريم السرقة واللصوصية يتضمّن المعنى أن لكل مواطن الحق في الملكية الخاصة، وأن التمييز بين ما لي وما لك واضحٌ أيضًا. ما لم تتوافر هذه الأمور فإن خلق مجتمع مُنظَّم وعادل وثابت لن يكون ممكنًا. والأكثر من ذلك، فإن الوصية لا تُحرّم فقط مجرّد السرقة الصريحة للمال والممتلكات، بل أيضًا الغش، وعدم الأمانة، والتهرُّب من الضرائب، والمراوغة، وعدم التفاني في العمل، ورفع سعر الخدمات والسلع بشكل مبالغ فيه، ودفع أقل مما هو مستحَق. جميع هذه صور من السرقة المحرَّمة.
مع ذلك فالوصية العاشرة «لاَ تَشْتَهِ» مهمة جدًا بشكل عمليّ، لكونها تحوّل الوصايا العشر من شفرة/كود مدني إلى شفرة/كود أخلاقي. لا يمكن لمحكمة مدنيّة أن تدين إنسانًا لأنه ارتكب خطية الشهوة لأن الشهوة، في النهاية، ليست فعلاً بل توجَّهًا قلبيًا. في الواقع، تؤدي الشهوة بالنسبة للسرقة نفس الدور الذي يلعبه الغضب بالنسبة للقتل والنظرة الشريرة للزنا.
إن تحريم الشهوة وصيةٌ صارخة في وجه «الاستهلاكيّة» التي ابتلعت العالم الغربي [والشرقي أيضًا][1] اليوم. لكن لا ننسَ أن الرب يسوع حذَّرنا من الشهوة، كذلك أشار الرسول بولس أنه بدلًا من الاشتهاء يجب على المؤمنين أن يعيشوا حياة القناعة والبساطة والسخاء. فكما كان شعب إسرائيل المرتحل في البريّة هكذا نحن أيضًا في سياحتنا المقدَّسة من الأرض إلى السماء، يجب أن نتخفّف من أحمالنا وأن نتحلّى بالحكمة.
إن الوصايا العشر تشرح لنا معنى أن نُحب الله والبشر، وهي تكشف خطايانا وتدينها. وكما اعترف الرسول بولس إنه لم يكن ليعرف معنى الخطية لولا أن الشريعة قالت «هَلِ النَّامُوسُ خَطِيَّةٌ. حَاشَا. بَلْ لَمْ أَعْرِفِ الْخَطِيَّةَ إِلاَّ بِالنَّامُوسِ. فَإِنَّنِي لَمْ أَعْرِفِ الشَّهْوَةَ لَوْ لَمْ يَقُلِ النَّامُوسُ لاَ تَشْتَهِ» (رومية ٧:٧). أما مارتن لوثر فقد دعا الوصايا العشر بـ «المطرقة» التي تُحطِّم برّنا الذاتي, إن الشريعة «تؤدِّبنا» (schoolmaster) لتُحضرنا إلى المسيح (غلاطيّة ٣: ٢٤). حينما كان الواعظ الإنجليزي الشهير تشارلز سبرچن يمر بمرحلة المراهقة كان لديه شعورٌ جارف وعميق بأنه ليس خاطئًا. لم يملأه هذا الشعور بالبر الذاتي لأنه لم يكن يُخطئ، بل لأنه كما اعترف «لم يكن قد قابل موسى النبي بعد»، فحينما قرأ شريعة موسى أيقن أنه خاطئ ومدين، وأنه في أمس الاحتياج إلى المخلِّص.
للمزيد، اقرأ ١تيموثاوس ٦:٦-١٠
[1] الكلمتان بين القوسيْن [ .. ] للمُحرِّر.