بقلم د. القس مارك آلان پاول
ترجمة القس أشرف بشاي
مقتطف من موسوعة العهد الجديد، الكتاب الثاني "الرسائل البُولسيّة"
يفتتح الرّسول بُولُس رسالته بتحيّة قُرّاءه (1:1 - 7)، مُعربًا عن شُكره لله من أجل إيمانهم الّذي ذاع خبرُه (1: 8 - 10)، ومُصرّحًا بنيّته أن يزورهم قريبًا (1: 11 - 15). ثم يُقدّم الرّسول خلال الآيتيْن 1: 16 - 17 ما اعتبره كثيرون جوهر الرسالة Thesis statement. إنّ الإنجيل الّذي يبشّر به بُولُس يحمل قُوّة الله للخلاص لكُلّ من يؤمن، لليهُود أوّلًا لكن أيضًا للأُمم. هذا الإنجيل يكشف عن برّ الله من إيمان إلى إيمان. ثم يتطوّر جوهرُ الرسالة هذا على مرحلتيْن: المرحلة الأُولى هي الأطروحة التّي تتضمّن أنّ كُلًّا من الأُمم واليهُود، على السّواء، هُم تحت غضب الله (1: 18 - 3: 20). رُبّما لم تكن الكتب المُقدّسة (الشّريعة أو النّاموس) معروفةً لدى الأُمم، حتى يعرفوا إرادة الله، لكن ذلك الجهل لا يُمكن أن يكون عُذرًا لسُلوكيّاتهم، فعبادة الأوثان وممارسات المثليّة الجنسيّة يُمثّلان الفشل بعينه في العيش بطريقة تتناسب مع ما هو واضح من الطّبيعة. لقد انتهك الأُمميّون الضّمير الإنسانيّ مُتجاهلين بذلك القانون المكتوب [على قلوبهم] (2: 15). في نفس الوقت كان لدى اليهُود أسفار الشّريعة التّي تُوجّه حيواتهم لكنهم لم يطيعوها. وعندما يسترسل الرّسول بُولُس في حديثه يكشف عن أنّ كُلًّا من الأُمم واليهُود، على السّواء، صار لهم حقُّ الاستفادة من نعمة الله (3: 21 - 5: 21). إنّ إبراهيم، أبا الآباء في العهد القديم، صار نموذجًا لكيفيّة اعتبار الإنسان بارّ استنادًا إلى الإيمان. وبالمثل، فإنّ مبادرة الله في المسيح يسُوع، لاستعادة الإنسان إلى العلّاقة الصّحيحة مع الله، هي [تبريرٌ لهم بالإيمان] (5: 1)، فمن خلال يسُوع المسيح يُمكن لليهُود والأُمم، على السّواء، أن يتمتّعوا بالسّلام مع الله وأن يضمنوا رجاء الحياة الأبديّة.
وفي سبيل تلخيص الإنجيل الّذي بشّر به الرّسول بُولُس، يتناول الرّسول، بالشّرح والتّحليل، أسئلةً عديدة مُحتملة (رُبّما يصحُّ أن نُسمّيها اعتراضات). مثلًا: إن كان الخلاص يتحقّق بالنّعمة فلماذا [لا يستمر البشر في فعل الخطيّة حتى تزداد النّعمة؟] (6: 1 - 7: 6). ما دور الشريعة الموسوية الآن: هل ما زال للشريعة مكانتُها لدى المؤمنين بالمسيح اليوم؟ (7:7 - 8: 39). ماذا عن عهد الله ووعوده الإلهيّة لليهُود: هل أُلغيت تلك الوعود لأنّ الإنجيل استبدل الأُمم باليهُود؟ (فصول 9 - 11). وفي معرض إجابته على هذه الأسئلة، يُطوّر الرّسول بُولُس عددًا من الأطروحات: فالرّسول يُصمّم على أنّ برّ الله يُحقّق نوعًا من التّغيير الدّاخليّ في المؤمنين حتى يموتوا عن الخطيّة ويعيشوا للمسيح، كما في نموذج الدّفن والصّعود خلال المعموديّة (6: 11). إنّ هدف النّاموس هًو أن يُري البشر خطاياهم، لكن طاعة مشيئة الله تأتي مع الحياة التّي تُعاش [وفقًا للروح] وليس بـ [الجسد]. إنّ روح الله يُمكّن الإنسان المؤمن من تحقيق ما لا يستطيع المجهود البشري العادي أن يصنعه (8: 3 - 4). أمّا بالنّسبة للمواعيد القديمة لإسرائيل فإنّ الرّسول مُصمّمٌ وواثقٌ من أنّه [سيخلُصُ جميعُ إسرائيل] (11: 26)، وفي نفس الوقت صرّح الرّسول بأنّ [ليس جميعُ الّذين من إسرائيل هُم إسرائيليُّون] (9: 6).
أخيرًا، يُوجّه الرّسول بُولُس، للمسيحيّين الرُّومان، عددًا من العظات المختصّة بالحياة المسيحيّة العمليّة الحياة التّي تتميّز بالتّغيير الدّاخليّ وتتطابق مع إرادة الله (12: 1 - 2). إنّهم مدعوون إلى الحياة في تناغُم مع بعضهم البعض، في إدراك للمواهب المُختلفة التّي يستخدمونها كأعضاء داخل الجماعة المسيحيّة (12: 3 - 13). إنّهم مُطالبون كذلك بالحياة في سلام مع المجتمع (12: 14 - 13: 10)، مُظهّرين الاحترام للسُلطات المدنيّة (13: 1 - 7). وبكُل الاحترام للجدل والمناظرات عبر التّاريخ، لا سيّما تلك التّي ارتفعت حدّتُها لتصير عراكًا بين اليهُود والأُمم، يُطالب الرّسول قُرّاءه باحترام وُجهات النّظر المُختلفة والمتشعّبة (14: 5)، وبتجنُّب إدانة بعضهم البعض (14: 10). يُطالب الرّسولُ قُرّاءه الّذين قبلوا كُلّ تطبيقات الإنجيل (وهو يدعوهم [الأقوياء في الإيمان]) بأن يُظهروا التّحمُّل والصّبر مع أُولئك الّذين استمرّوا في طاعة واتّباع القُيود والقواعد المُختلفة التّي اعتبرها هًو غير ضروريّة (14: 1 - 15: 13).
تُختتم الرسالة بتقديم خطة الرّسول بُولُس لسفراته (15: 14 - 32)، ثُمّ قائمة بالأفراد الّذين يُوجّه لهم تحيّاته (16: 1 - 24)، ثُمّ تمجيد أو تسبيحة ختاميّة final doxology (16: 25 - 27).