«لاَ تَنْطِقْ بِاسْمِ الرَّبِّ إِلَهِكَ بَاطِلاً، لأَنَّ الرَّبَّ لاَ يُبْرِئُ مَنْ نَطَقَ بِاسْمِهِ بَاطِلاً. اُذْكُرْ يَوْمَ السَّبْتِ لِتُقَدِّسَهُ. سِتَّةَ أَيَّامٍ تَعْمَلُ وَتَصْنَعُ جَمِيعَ عَمَلِكَ، وَأَمَّا الْيَوْمُ السَّابِعُ فَفِيهِ سَبْتٌ لِلرَّبِّ إِلَهِكَ. لاَ تَصْنَعْ عَمَلاً مَا أَنْتَ وَابْنُكَ وَابْنَتُكَ وَعَبْدُكَ وَأَمَتُكَ وَبَهِيمَتُكَ وَنَزِيلُكَ الَّذِي دَاخِلَ أَبْوَابِكَ لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِعِ. لِذَلِكَ بَارَكَ الرَّبُّ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَدَّسَهُ. أَكْرِمْ أَبَاكَ وَأُمَّكَ لِتَطُولَ أَيَّامُكَ عَلَى الأَرْضِ الَّتِي يُعْطِيكَ الرَّبُّ إِلَهُك» (الخروج ٢٠: ٧-١٢)
الوصايا ٣-٥
بقلم چون ستوت
ترجمة أشرف بشاي
تعرّضنا في مقال سابق للوصيتيْن الأولييْن من الوصايا العشر التي أعطاها الرب لشعبه إسرائيل، والآن نتناول الوصايا ٣-٥.
حينما نقرأ الوصيتيْن الثالثة والرابعة نجد أن موضوعهما اسم الرب ويوم الرب على التوالي. يجب أن نتعامل مع اسم الرب ويومه باحترامٍ عظيم. كيف يسيء الإنسان إلى اسم الرب؟ كيف نتصور ذلك؟ إن الوصية الإلهيّة تمنع القسم وتحظر كسر الأقسام متى قطعها الإنسان على نفسه. علّمنا الرب يسوع أنه من الأفضل ألا يحلف الإنسان البتة. إن الأمناء لا يحتاجون إلى القسم عند قطع الوعود. إن «نعم» أو «لا» ببساطة أكثر من كافيتيْن (متّى ٥: ٣٣-٣٧). ومع ذلك فكلنا يعرف أن هناك إساءة استخدام لاسم الرب على نطاق واسع. يستند هذا الأمر إلى الحقيقة التي مفادها إن الاسم ليس مجرد كلمة، بل هي الشخص بذاته أو الشخصية نفسها. نحن نسيء إلى اسم الله كلما كانت تصرفاتنا لا تتناسب مع شخصيّته، فأن ندعو الله «أبانا» ثم نسيء إلى هذا الاسم، وأن نطلق على يسوع لقب «الرب» ثم نعصى وصاياه فهذا هو بالضبط استخدام اسم الله باطلاً.
حينما ننتقل من الوصية الثالثة إلى الرابعة فإننا ننتقل من الحديث عن اسم الرب للحديث عن يوم الرب، فنجد «لأَنْ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ صَنَعَ الرَّبُّ السَّمَاءَ وَالأَرْضَ وَالْبَحْرَ وَكُلَّ مَا فِيهَا، وَاسْتَرَاحَ فِي الْيَوْمِ السَّابِع». هذا معناه أن وصية حفظ يوم السبت كانت موجودة قبل مجيء الوصية ذاتها. في الحقيقة كانت وصية السبت موجودة منذ بدء الخليقة. هذه الوصية بمثابة مرسوم إلهي ضمن فِعل الخلق الإلهي ذاته. لذا، فهذه الوصية لا تقتصر فقط على شعب إسرائيل أصحاب العهد مع الله، بل هي عطية من الله لكل إنسان. لقد امتدت الوصية كذلك لكي تشمل العبيد والإماء أيضًا. إن سبب امتداد الوصية يعود إلى أن شعب إسرائيل نفسه كان مستعبدًا في مصر إلى الوقت الذي أخرجهم فيه الرب من هناك (التثنية ٥: ١٥).
يُخبرنا البشير لوقا أن الرب يسوع كان من عادته أن يذهب إلى المجمع في السبوت (لوقا ٤: ١٦)، لكن الرب كان حرًا بالتمام من القواعد والإجراءات التي ألصقها اليهود بوصية حفظ يوم السبت، ومن ثم راعوا تطبيقها بدقة. لقد بلغت هذه القواعد ١٥٢١ حسب ما أورده الرابي يوحنان والرابي شمعي بن لخيش. بالمقابل، أصرّ الرب يسوع على المبدأ القائل: «السَّبْتُ إِنَّمَا جُعِلَ لأَجْلِ الإِنْسَانِ، لاَ الإِنْسَانُ لأَجْلِ السَّبْت» (مرقس ٢: ٢٧).
إذاً، فالوصايا الأربع الأولى تتعلّق بواجباتنا الواضحة نحو الله (وجوده، عبادته، اسمه، ويومه). يعتقد البعض أن الوصية الخامسة تقدّم لنا واجبنا نحو القريب، لأنها تطلب منا إكرام الوالديْن. هناك بعض الدارسين للكتاب المقدس الذين يعتقدون بأن الوصية الخامسة أيضًا تتعلق بواجبنا نحو الله. لعل هذا الاعتقاد مرجعه، جزيئًا، أنهم يعتقدون بضرورة أن يكون نصف الوصايا يُمثّل واجبنا نحو الله، والنصف الآخر يتعلّق بمسؤوليتنا نحو البشر. ومن ناحية أخرى فإن الوالديْن يقفون في صف الله ويمثّلون بشكلٍ ما سُلطته علينا، على الأقل في دائرة المؤمنين الذين يُشكّلون الأقلية في هذا العالم.
إن فهم الرسول بولس لوصية إكرام الوالديْن معناه أن هذا الإكرام يتطلّب الطاعة، فالطاعة هي الحق الصحيح الذي يُسرُّ الرب المسيح (أفسس ٦: ١؛ كولوسي ٣: ٢٠). ينظر العهد الجديد إلى عصيان الأبناء لوالديْهم على أنه عرض لمرض التفكُّك الاجتماعي (راجع رومية ١: ٣٠؛ ٢تيموثاوس ٣: ٢).
في نفس الوقت فإن سُلطة الوالديْن ليست مُطلقة. إنها سُلطة مقيّدة بالنسبة للمؤمنين. والأكثر من ذلك، فإذا كان هناك واجبات على الأبناء من نحو والديْهم، فإن للوالديْن أيضًا مسؤوليات نحو الأبناء. يجب على الآباء ألا يُغيظوا أبنائهم ولا أن يوغروا صدورهم، بل أن يربّوهم في تأديب الرب وإنذاره (أفسس ٦: ٤؛ كولوسي ٣: ٢١). إن الوصايا والواجبات المُوجهّة إلى الوالديْن والأبناء هي بالطبع متبادلة ويتعيّن على كل طرف من الطرفيْن تطبيق الوصية على نفسه أولاً، بشكل حاسم.
وكما هو متوقّع في الغرب اليوم، وطبقًا لمتوسط عمر الإنسان الذي يتزايد هناك بشكل واضح هناك، فإن عدد الآباء المسنين والعجزة في تزايد مستمر. ينسى الأبناءُ والديْهم ويتجاهلونهم! إنها ظاهرة صادمة ومزعجة تلك التي تتنامى يومًا بعد يوم. في أفريقيا وآسيا (وخاصة الصين) تجد العائلات الكبيرة والممتدة مكانًا دائمًا لكبار السن. أعتقد أننا بحاجة إلى الاستماع للرسول بولس حين يقول: «وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا أَهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ أَنْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَ شَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِن» (١تيموثاوس ٥: ٨).
لمزيد من القراءة، راجع بشارة متّى ٥: ٣٣-٣٧، أفسس ٦: ١-٤.